فصل: الشاهد الرابع والعشرون بعد الثمانمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن بني جامع الهلاليين أمراء قابس لعهد الصنهاجيين وما كان لتميم بها من الملك والدولة وذلك عند فتنة العرب بأفريقية.

ولما دخلت العرب إلى أفريقية وغلبوا المعز على الضواحي ونازلوه بالقيروان وكان الوالي بفاس المعز بن محمد بن لموية الصنهاجي وكان أخوه إبراهيم وماضي بالقيروان قائدين للمعز على جيوشه فعزلهما ولحقا مغاضبين بمؤنس بن يحيى وكان أول تملك العرب.
ثم أقام إبراهيم منهم واليا بقابس ولحق المعز بن محمد بمؤنس فكان معه إلى أن هلك إبراهيم وولي مكانه أخوه ماضي وكان شيء السيرة فقتله أهل قابس وذلك لعهد تميم بن المعز بن باديس وبعثوا إلى عمر أخي السلطان إلى طاعة العرب فوليها بكر بن كامل بن جامع أمير المناقشة من دهمان من بني علي إحدى بطون رياح فقام بأمرها واستبد على صنهاجة ولحق به مثنى بن تميم بن المعز نازعا عن أبيه فأجابه ونازل معه المهدية حتى امتنعت عليه واطلع على قبائح شتى فأفرج عنها ولم يزل كذا على حاله في إجابة قابس وإمارة قومه دهمان إلى أن هلك وقام بأمره بعده رافع واستفحل بها ملكه وهو الذي اختط بحر العروسيين من مصانع الملك بها واسمه مكتوب لهذا العهد في جدرانها.
ولما ولي علي بن يحيى بن تميم فسد ما بينه وبين رافع وأعان عليه رافع صاحب صقلية فغلب أسطول علي بن يحيى على أسطول النصارى ثم ذوى قبائل العرب والأساطيل وزحف إلى قابس سنة إحدى عشر وأربعمائة.
قال ابن أبي الصلت:
دول الثلاثة الأخماس من قبائل العرب الذين هم: سعيد ومحمد ونخبه وأضاف إليهم من الخمس الرابع أكابر بني مقدم موافى من كان منهم بفحص القيروان وفر رافع إلى القيروان وامتنع عليه أهلها ثم امتنع شيوخ دهمان واقتسموا البلاد وعينوا القيروان لرفع وأمكنوه وبعث علي بن يحيى عساكره والعرب المدونة على منازلة رافع بالقيروان وخرج إلى محارتهم فهلك بالطريق في بعض حروبه مع أشياع رافع.
ثم إن ميمون بن زياد الصخري حمل رافع بن مكن على مسالمة السلطان وسعى في إصلاح ذات بينهما فانصلح وارتفعت بينهما الفتنة وقام بقابس من ذلك رشيد بن كامل قال ابن بجيل: وهو الذي اختط قصر العروسيين وضرب السكة الرشيدية.
وولي بعده ابنه محمد بن رشيد وغلب عليه مولاه يوسف ثم خرج محمد في بعض وجوهه وترك ابنه مع يوسف فطرده يوسف واستبد وانتهى إلى طاعة رجار فثار به أهل قابس ودفعوه عنهم فخرج إلى أخيه ولحق أخوه عيسى بن رشيد وأخبره الخبر فحاصرهم رجار بسبب ذلك مدة من الأيام وكان آخر من ملكها من بني جامع أخوه مدافع بن رشيد بن كامل ولما استولى عبد المؤمن على المهدية وصفاقس وطرابلس بعث ابنه عبد الله بعسكر إلى قابس ففر مدافع بن رشيد عن قابس وأسلمها للموحدين ولحق بعرب طرابلس من عرب عوف فأجاروه سنتين ثم لحق بعبد المؤمن بقابس فأكرمه ورضي عنه وانقرض من بني جامع من يؤانس والبقاء لله وحده.

.الخبر عن ثورة رافع بن مكن بن مطروح بطرابلس والعرامى بصفاقس على النصارى وإخراجهم واستبدادهم بأمر بلدهم في آخر دولة بني باديس.

أما طرابلس فكان رجار صاحب صقلية لعنه الله قد استولى عليها سنة أربعين وخمسمائة على يد قائده جرجي بن ميخائيل الأنطاكي وأبقى المسلمين بها استعمل عليهم وبقيت في مملكة النصارى أياما ثم إن أبا يحيى بن مطروح من أعيان البلد مشى في وجوه الناس وأعيانهم وداخلهم في الفتك بالنصارى فاجتمعوا لذلك وثاروا بهم وأحرقوهم بالنار ولما وصل عبد المؤمن إلى المهدية وافتتحها سنة خمس وخمسين وخمسمائة وفد عليه أبو يحيى بن مطروح ووجوه أهل طرابلس فأوسعهم برا وتكرمة وقدم ابن مطروح المذكور عليهم وردهم إلى بلدهم فلم يزل عليهم إلى أن هرم وعجز بعهد يوسف بن عبد المؤمن وطلب الحج فسرحه السيد أبو زيري بن أبي حفص محمد بن عبد المؤمن عامل تونس فارتحل في البحر سنة ست وثمانين وخمسمائة واستقر بالاسكندرية.
وأما صفاقس فكانت ولاتها أيام بني باديس من صنهاجة قبيلتهم إلى أن ولى المعز بن باديس عليها منصور البرغواطي من صنائعه وكان فارسا مقداما فحدث نفسه بالثورة أيام تغلب العرب على أفريقية وخروج إلى المهدية ففتك به ابن عمه حمو بن مليل البرغواطي وقتله في الحمام غدرا وامتعض له حلفاؤه من العرب وحاصروا حمو حتى بذل لهم من المال ما رضوا به واستبد حمو بن مليل بأمر صفاقس حتى إذا هلك المعز حدثته نفسه بالتغلب على المهدية فزحف إليها في جموعه من العرب ولقيه تميم فانهزم حمو وأصحابه سنة خمس وخمسين وخمسمائة ثم بعث ابنه يحيى بن العرب لحصار صفاقس فحاصرها مدة وأقلع عنها وزحف إليه تميم بن المعز سنة ثلاث وتسعين فغلبه عليها ولحق حمو بمكن بن كامل أمير قابس فأجازه وصارت صفاقس إلى ملكة تميم ووليها ابنه.
ولما تغلب النصارى على المهدية وملكها جرجي بن ميخائيل قائد رجار سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة فغلبوا بعدها على صفاقس وأبقوا أهلها واستعملوا عمر بن أبي الحسن القرباني لمكانه فيهم وحملوا أباه أبا الحسن معهم إلى صقلية رهنا وكان ذلك مذهب رجار ودينه فيما ملك من سواحل أفريقية يبقيهم ويستعمل عليهم منهم ويذهب إلى العدل فيهم فبقي عمر بن أبي الحسن عاملا لهم في أهل بلده وأبوه عندهم ثم إن النصارى الساكنين بصفاقس امتدت أيديهم إلى المسلمين ولحقوا بالضرر وبلغ الخبر أبا الحسن وهو بمكانه من صقلية فكتب إلى ابنه عمر وأمره بانتهاز الفرصة فيهم والاستسلام إلى الله في حق المسلمين فثار بهم عمر لوقته سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وقتلهم النصارى أباه أبا الحسن وانتقضت عليهم بسبب ذلك سائر السواحل ولما افتتح عبد المؤمن المهدية من يد رجار وصل إليه عمر وأدى طاعته فولاه صفاقس ولم يزل واليا عليها وابنه عبد الرحمن من بعده إلى أن تغلب يحيى بن غانية فرغبه في الحج فسرحه ولم بعد.